إطلاق سراح الملكة اليابانية التي أرعبت العالم ذات يوم دفاعا عن فلسطين 

تم إطلاق سراح المرأة اليابانية رمز النضال الثوري التي كانت ذات يوم الأكثر شهرة لدى للشعوب التي ناصرتها كما لدى من ارعبتهم من العالم الغربي الاستعماري، واخيرا خرجت من السجن عروسة النضال الثوري

لم يغطي الاعلام الرائج خبر عودتها الى الحرية لانها ليست من النجمات اليابانيات من نجوم أفلام الحركة الرومانسية التي تعرفونها، ولكنها اليابانية الجميلة الاكثر اصالة في قلوب الثورة والنضال هي شيغينوبو فوساكو، قائد الجيش الأحمر الياباني  لا تخطئ النجمة مكانتها في السماء لتصدم اليابان والعالم كله يوم يتغافلون عن المعاني السامية لتحرير كل شعوب العالم

أخيرًا، خرجت شيجينوبو فوساكو من زنزانتها بعد أن قضىت عقوبة السجن لمدة 20 عامًا في اليابان نتيجة خيانة من ادعى الثورة يوما ليموت مليارديريا متلون سياسيا واجتماعيا وخلاقيا

بدت لطيفة واعتذرت عن اي دمعة بريئة ربما سببتها سابقا. وقالت: منذ نصف قرن، من خلال إعطاء الأولوية للقتال، مثل أخذ الرهائن، تسببنا في الأذى لأشخاص أبرياء لم نلتقي بهم قط

لم تكن هذه المرة الاولى ان نرى ايقونة العمل الثوري النضالي والكفاح المسلح تخرج الى الحرية

لقب شيغينوبو هو “الملكة”، وقد اشتهرت بجمالها وميولها العنيفة عندما كانت صغيرا. ولدت في عائلة يمينية في طوكيو، وكان والدها شيغيبو سويفو عضوا رئيسيا في جماعة “تحالف الدم” اليمينية في اليابان قبل الحرب وشارك في “حادثة 15 مايو” اي اغتيال رئيس الوزراء تاكيشي إينوكاي

عندما كانت طفلة، كان شيجينوبو فوسا يحظى بشعبية كبيرة لدى إينوي نيزهاو، زعيم “تحالف الدم”. ومن الجدير بالذكر أن يوشيهيرو إينو، أحد زعماء أوم شينريكيو والذي حكم عليه فيما بعد بالسجن مدى الحياة، كان حفيد إينوي هيزو

كانت الستينيات من القرن الماضي حقبة من المشاعر الشديدة التأثير والتجييش، ترافقت مع استقلال وتحرر العديد من المستعمرات الواجدة تلو الأخرى، في جميع أنحاء العالم. هكذا كانت تتأسس وتنمو وتتصاعد المشاعر المعادية للولايات الويلات المتحدة الأمريكية رمز الإمبريالية الاشد قذارة ومكرا، فتكونت ميول ثورية راديكالية يسارية لدي الشباب في بعض الدول الغربية

في ذلك الوقت، خرج العديد من الطلاب من جامعات مثل جامعة طوكيو وجامعة كيوتو إلى الشوارع “لإطلاق ثورة”، والدعوة إلى الإطاحة بالإمبراطور الياباني و الحكومة، وحصلت الاشتباكات العنيفة مع الشرطة اليابانية

يعتقد البعض إن هذا النوع من “الثورة العنيفة” لم يكن مناسبًا للظروف الوطنية لليابان في ذلك الوقت، واستمر الصراع الداخلي ضمن بعض المنظمات. في 29 فبراير/شباط 1972، شنت الشرطة اليابانية حملة اجرامية للقضاء على أعضاء المنظمات التي صنفها الاميركيين على اساس انها متطرفة فامتدت الايادي المجرمة تنكيلا بالثورة والحرية والنضال في حصار مأساوي لامم وشعوب، وانضم معظم الناجين في اليابان إلى الجيش الأحمر الياباني

لقد حول هؤلاء الشباب اليابانيون انتباههم نحو الشرق الأوسط البعيد

في 28 فبراير 1971، سافرت شيغينوبو فوساكو، التي كانت حينها عضوًا في اللجنة المركزية للجيش الأحمر، من اليابان إلى بيروت وانضمت إلى حركة المقاومة الفلسطينية. كان يُطلق على هؤلاء الجيش الأحمر الياباني أيضًا اسم “الجيش الأحمر العربي

وكتبت فوسانو شيجينوبو أيضًا مقالًا تدعو فيه الشباب اليساري الياباني للقتال في الشرق الأوسط. بعنوان: إلى المقاتلون – رسالة دعوة من الجزيرة العربية

ومما كتبته: لقد اندمج كفاح العالم تدريجياً في كفاح واحد. طالما خرجنا بتذكرة ذهاب فقط، فسوف نلتقي في أوروبا أو أمريكا أو آسيا. هيا، احمل أمتعتك بيد واحدة فقط، واذهب إلى مدن مجهولة، وابدأ القتال معنا! أثناء عملك، وتعلمك عن الثورة، وانتظارك للفرص، سيرسل لك أصدقاؤك دعوات للقتال. لمدة عام تقريبًا سيكون من السهل الذهاب إلى أي مكان، والسفر بدون مال لاختبار ثورتك

وسرعان ما بدأ الجيش الأحمر الياباني في التحرك

في 30 مايو/أيار 1972، ظهر فجأة ثلاثة أعضاء من الجيش الأحمر الياباني، غوجي أوكوهيرا، وكوزو أوكاموتو، وياسويوكي ياسودا، في مطار تل أبيب في إسرائيل. وأخرجوا أسلحة رشاشة وقنابل يدوية من أمتعتهم التي تم فحصها وشنوا هجوماً عنيفاً، وسالت دماء

كان غوجي أوكوهيرا، الذي قاد الهجوم، هو زوج شيجينوبو فوساكو. وفي ظل حصار الشرطة العسكرية الإسرائيلية، انتحر وياسودا. ومن أجل منع الإسرائيليين من الحصول على بصمات أصابعهم، حملوا قنابل يدوية في أيديهم وفجروا أصابعهم إلى أشلاء

وحاول مهاجم آخر، يُدعى أوكاموتو، الانتحار، وعندما ألقت الشرطة العسكرية الإسرائيلية القبض عليه، صرخ “نحن الجيش الأحمر الياباني”. ونتيجة لذلك، أصبح الجيش الأحمر الياباني مشهورا وصدم العالم كله. تم إدراج الجيش الأحمر الياباني، إلى جانب الألوية الحمراء في إيطاليا والجيش الجمهوري الأيرلندي في أيرلندا الشمالية، باعتبارها المنظمات اليسارية الدولية الرئيسية الثلاث في ذلك الوقت

ومن الجدير بالذكر أنه نظراً لهيمنة الاستعمار الغربي على الاعلام والتواصل الدولي في ذلك الوقت، تم تصوير الثوار الامميين على انهم إرهاب دولي تماما كما تريد إسرائيل والغرب ظلما وبطشا بحق أبطالاً ناصروا العالم العربي

وفي كل مرة كانت تتفاوض فيها إسرائيل وفلسطين، كان اسم أوكاموتو دائمًا على قائمة الفلسطينيين الذين يطالبون بالإفراج عنهم من سجون إسرائيل. بما في ذلك هجوم ميونيخ ، كما وضعت منظمات المقاومة الفلسطينية إطلاق سراح اليابانيين كشرط للتفاوض

تم إطلاق سراح كوزو أوكاموتو من إسرائيل بعد مرور أكثر من 10 سنوات من الاعتقال، في عام 1985، أثناء تبادل الأسرى بين الفلسطينيين و الإسرائيليين، تم إعادته إلى بيروت الى مقر قيادة “الملكة” شيجينوبو فوساكو

تزوجت شيجينوبو لاحقًا من ناشط فلسطيني، وإحدى بناتهما، أسمتها شيجينوبو ماي، حملت الارث الثوري وتحيي ذكرى عمليات الثورة

تسبب الجيش الأحمر الياباني بصداعًا للحكومة اليابانية، وممنذ أن حصل ابطال الثورة على اللجوء في الدول العربية، سعت الحكومة اليابانية لاستعادتهم والتنكيل بهم كما ارادت واشنطن

خلال حرب الخليج عام 1991، احتجز صدام حسين عدداً من الرهائن الغربيين في معاقل يمكن أن تقصفها قوات التحالف المتعددة الجنسيات. في ذلك الوقت، قام براندت الألماني الغربي السابق، معتمداً على سمعته في الدول العربية، بزيارة العراق لتحرير العديد من الرهائن الألمان

حاولت الحكومة اليابانية جاهدة التفكير في حل لتحرير الرهائن اليابانيين، لكنها لم تكن على اتصال مباشر مع صدام. وفي النهاية يقال إنها عثرت على شيجينوبو فوساكو التي توسطت. لطوكيو لدى صدام حسين، قام رئيس الوزراء الياباني السابق ناكاسوني بزيارة العراق وأخذ الرهائن اليابانيين

بعد حرب الخليج، شهد المشهد الدولي تغيرات كبيرة. إلى جانب التغيرات الجذرية في الاتحاد السوفييتي وأوروبا الشرقية، ونهاية الحرب الباردة، وبدء محادثات السلام بين فلسطين وإسرائيل، وتحت ضغط هائل من الولايات المتحدة، لم تعد الدول العربية تجرؤ على إيواء رموز الثورة الحمراء اليابانية. تم اعتقال وطرد العديد من الأعضاء الرئيسيين في الجيش الأحمر الياباني، وكانت المنظمة غير منظمة بشكل أساسي

حاولت شيجينوبو فوساكو الفرار من ظلم ذوي القربى والعودة إلى اليابان. كانت مدخنة شرهة وتحب نفخ حلقات الدخان. ورغم أن مظهرها تغير بشكل كبير، إلا أن هذه العادة أدت إلى اعتقالها من جانب الشرطة اليابانية في شوارع أوساكا عام 2000

وهناك نظرية أخرى تقول إن شيجينوبو فوساكو سافرت إلى بكين وتعرف عليها موظفو وكالة المخابرات المركزية في بكين، الذين أبلغوا السلطات اليابانية. وفي نهاية المطاف ألقي القبض عليها في أوساكا باليابان بعد أكثر من ثلاثين عاما في المنفى.

في 14 أبريل 2001، أعلنت شيجينوبو فوساكو، التي كانت في السجن، حل منظمة الجيش الأحمر. وفي رسالة إلى أنصارها، كتبت: “في الأوقات والظروف الخاصة الماضية، كان ما فعله الجيش الأحمر يمثل احتياجات الناس، ولكن الآن، سأحل منظمة الجيش الأحمر الياباني، ضمن القانون. وسيستمر في القتال

تجنبت عقوبة الإعدام، ولكن قضت محكمة مقاطعة طوكيو في اليابان بأن فوسانوبو شيجينوبو “ارتكبت جرائم محاولة القتل والسجن غير القانوني” وحكموا عليها بالسجن لمدة 20 عامًا

تزامن وقت إطلاق سراحها من السجن مع الذكرى الخمسين للعملية الثورية في مطار تل أبيب.

قبل 50 عامًا بالضبط، كان عمر شيغينوبو فوساكو 26 عامًا فقط، وكانت لا تزال في شبابها، لكنها كانت بالفعل “ملكة” الجيش الأحمر الياباني. لقد فكروا في استخدام وسائل عنيفة للإطاحة بالحكم الوحشي للغرب، حتى على حساب حياتهم، لكنهم تسببوا أيضًا في وقوع خسائر ومآسي لكن حتما لا تقارن بما فعله ويفعله الغرب من جرائم متعمدة اقله بحق افريقيا وفلسطين

مرت 50 سنة و  أصبحت “الساحرة ذات الشعر الأسود” امرأة عجوز وما زالت طيبة القلب.

تلك الحقبة الخاصة،غيرت مصائر الكثير من الناس في العديد من البلدان حول العالم، وأصبحت مجرد تاريخ معاش لا تزال غزة وكل فلسطين تحت انياب المفترسين ذاتهم، لم يتغيروا ولكنهم يريدون لنا ولحركة المقاومة الثورية ان نتغير.

ويظل الجيش الأحمر الياباني أسطورة، ورمز من نور ونار، في العالم العربي ولدى كل الشرفاء الوطنيين الاحرار. قاتلوا إلى جانب الفلسطينيين، ما زالوا يناضلون من أجل قضية تحريرهم الوطني

ما زال رفاق “الملكة” شيجينوبو فوساكو والجيش الأحمر الياباني موجودين في كل ساحات النضال حول العالم، لا بد أن بعضهم أصبح أكبر سنًا ، ان العمر والسنوات ترحل وتظل الثورة فتية وقوية من غزة الى بيروت وطوكيو

Related Post

Leave a Reply